الفقهي الإسلامي وخروجه من القصور وملائمته لحاجات الدولة ، ومقتضيات العصر ، وضرورات المستقبل.
وهذا ما نفصّله في الأساس الثالث التالي :
يعدّ بلوغ فكرة ـ القانون التاريخي ـ أو ـ سنن التاريخ ـ فتحاً مبيناً للعقل البشري في مستوى الوعي التاريخي.
ففي ضوء هذا المفهوم القرآني لم يعدّ التاريخ تراكماً عشوائياً للأحداث أو مساراً يخضع للصدف العمياء ، ( سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ) [ الأحزاب ].
( فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا ) [ فاطر ].
( سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ ) [ غافر ].
والقرآن في نصوص عديدة يحثّ على الاقتداء بهذه السنن ، وكما في قوله تعالى : (يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [ النساء ].
( قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ) [ آل عمران ].
( وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا * سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا ) [ الإسراء ].
ونلاحظ أنّ استقراء التطوّر المعرفي في التاريخ يعكس مدى التقدّم الذي قطعته الخبرة البشرية في مجال استكشاف قوانين عالم الطبيعة والتكوين وحسن توظيفها في خدمة الإنسان وضمان الحاجات المادّية وتوفير الحياة المرفهة.
وأمّا في المجال الاجتماعي والتاريخي فلا يزال الفكر الإنساني يتلمّس طريقه إلى الكشف عن كلّ أسرار وقوانين هذه الدائرة وطرق الاستفادة منها.
والفكر الإسلامي بما يمتلكه من ينابيع الوحي الإلهي والهداية يتحمّل مسؤولية جسيمة في تقديم القراءة القرآنية للموضوع ، وتعميق الوعي الإنساني في اتجاه ذلك الأفق