وجلس عبيد الله واستدعى المحضرين فقُدِّموا إليه يَقْدَمُهم بشر الخفاف ، فلما جلسوا أقبل عبيد الله على بشر فقال له : أنت بشر الخفاف ؟ فقال : نعم . فسكنت نفوس الحاضرين معه إلى تمام هذه الحيلة وإتمام هذه المدالسة ، وجواز هذه المغالطة ، فقال له : إنه رفع إلى أمير المؤمنين من أمركم شئ أنكره ، فأمر بالكشف عنه وسؤالكم بعد إحضاركم عن حقيقته ، فقال له بشر : نحن حاضرون فما الذي تأمرنا به ؟ قال : بلغ أمير المؤمنين أنه يجتمع إليك قوم فيخوضون معك في الترفض وشتم الصحابة ، فقال بشر : ما أعرف من هذا شيئاً . قال : قد أمرت بامتحانكم والفحص عن مذاهبكم ، فقال : ما تقول في السلف ؟ فقال : لعن الله السلف . فقال له عبيد الله : ويلك أتدري ما تقول ! قال : نعم ، لعن الله السلف ! فخرج خادم من بين يدي المتوكل فقال لعبيد الله : يقول لك أمير المؤمنين سله الثالثة ، فإن أقام على هذا فاضرب عنقه ، فقال له : إني سائلك هذه المرة فإن لم تتب وترجع عما قلت أمرت بقتلك ، فما تقول الآن في السلف ؟ فقال : لعن الله السلف قد خَرَّبَ بيتي وأبطل معيشتي ، وأتلف مالي ، وأفقرني ، وأهلك عيالي !
قال : وكيف ؟ قال : أنا رجل أسلف الأَكَرة وأهل الدستان الخفاف والتمسكات على أن يوفوني الثمن مما يحصل من غلاتهم ، فأصير إليهم عند حصول الغلة في بيادرهم ، فإذا أحرزوا الغلات دفعوني عن حقي ، وامتنعوا من توفيتي مالي .
ثم يعودون عند دخول الشتاء فيعتذرون إلي
ويحلفون بالله لا يعاودون مطلي وظلمي ، فإنهم يؤدون إلي المتقدم والمتأخر من مالي ، فأجيبهم إلى ما يلتمسونه