وطالما عَمروا دوراً لتحصنهمْ |
|
ففارقوا الدورَ والأهلينَ وانتقلوا |
وطالما كنزوا الأموالَ وادَّخروا |
|
فخلَّفُوها على الأعداء وارتحلوا |
أضحت مَنازِلُهم قَفْراً مُعَطَّلَةً |
|
وساكِنُوهَا إلى الأجْدَاثِ قد رَحَلُوا » |
لكن بكاء المتوكل من ذكر الموت وخوفه من الله تعالى كان آنياً ، فقد بقي كل عمره يشرب ويسرف في الشرب ، حتى قُتل وهو سكران !
قال نديمه علي بن الجهم : « كنت يوماً عند المتوكل وهو يشرب ونحن بين يديه ، فدفع إلى محبوبة تفاحة مغلَّفة فقبَّلتها ، وانصرفت عن حضرته إلى الموضع الذي كانت تجلس فيه إذا شرب » . « الأغاني : ٢٢ / ٤٠٨ » .
وقال الثعالبي في ثمار القلوب « ١ / ١٥٥ » : « كان بنانُ وزَنَامُ مُطْرِبَيْ المتوكل ، وكان كل منهما منقطع القرين فى طبقته ، فإذا اجتمعا على الضرب والزمر أحسنا وفَتَنَا وأعْجَبَا وعَجَّبا ، وكان المتوكل لا يشرب إلا على سماعهما » .
وقال ابن كثير الناصبي في النهاية « ١٠ / ٣٤٣ » : « شرب ليلةً مع المتوكل ، فعربد عليه المتوكل فهمَّ إيتاخ بقتله ، فلما كان الصباح اعتذر المتوكل إليه وقال له : أنت أبي وأنت ربيتني ، ودسَّ اليه من يشير إليه بأن يستأذن للحج .. » .
وروى
الشابستي في الديارات خبر مجالس خمر كثيرة للمتوكل ، قال « ١ / ٣٧ » :
« اجتمع مشايخ الكتاب بين يدي المتوكل ، وكان فيهم يحيى بن خاقان ، وابنه عبيد الله إذ ذاك الوزير ، وهو واقف موقف الخدم بقباء ومنطقة ، وكان يحيى لايشرب النبيذ فقال المتوكل لعبيد الله : خذ قدحاً من تلك الأقداح واصبب فيه نبيذاً وصيَّر على