وفي نشوار المحاضرة « ٨ / ١٩ » : « قال الفضل بن مروان : ولا نعلم وزيراً وَزَرَ وزارةً واحدة بلا صَرْف ، لثلاثة خلفاء متَّسقين ، غير محمد بن عبد الملك » .
وقال في النهاية « ١٤ / ٣٣٣ » : « أمر الخليفة المتوكل على الله بالقبض على محمد بن عبد الملك بن الزيات وزير الواثق .. فطلبه فركب بعد غدائه يظن أن الخليفة بعث إليه ، فأتت به الرسل إلى دار إيتاخ أمير الشرطة فاحتيط عليه وقُيِّدَ ، وبعثوا في الحال إلى داره ، فأخذ جميع ما كان فيها من الأموال واللآلئ والجواهر والحواصل والجواري والأثاث ، ووجدوا في مجلسه الخاص به آلات الشراب ، وبعث الخليفة إلى حواصله وضياعه بسائر الاماكن ، فاحتيط عليها ، وأمر به أن يعذب فمنع من الطعام ، وجعلوا يساهرونه ، كلما أراد الرقاد نُخِسَ بالحديد ، ثم وضع بعد ذلك كله في تنور من خشب فيه مسامير قائمة في أسفله ، فأقيم عليها ووُكِّلَ به من يمنعه من الرقاد ، فمكث كذلك أياماً حتى مات ..
ويقال : إنه أخرج من التنور وفيه رمق فضرب على بطنه ثم على ظهره حتى مات وهو تحت الضرب . ويقال : إنه أحرق ثم دفعت جثته إلى أولاده فدفنوه ، فنبشت عليه الكلاب فأكلت لحمه وجلده ، سامحه الله .. وكان قيمة ما وجد له من الحواصل نحواً من تسعين ألف ألف دينار » .
أقول : كان هذا الأسلوب الدموي في انتقال السلطة وما زال ، أمراً ثابتاً عند الشعوب المختلفة ، وثقافةً سائدةً ، ففي نفس السنة التي قتل فيها المتوكل ابن الزيات ، قَتَلَ ملك الروم ميخائيل أمه تدورة ، بعد أن ملكت ست سنين . « النهاية : ١٤ / ٣٣٣ » .