وقال الطبري « ٧ / ٤٠٨ » : « ذكر أن محمداً المنتصر بالله لما استقامت له الأمور قال أحمد بن الخصيب لوصيف وبغا : إنا لا نأمن الحَدَثَان وأن يموت أمير المؤمنين فيلي الأمر المعتز ، فلا يُبقى منا باقية ويُبيد خضراءنا ، والرأي أن نعمل في خلع هذين الغلامين قبل أن يظفرا بنا ، فَجَدَّ الأتراك في ذلك وألحُّوا على المنتصر وقالوا : يا أمير المؤمنين تخلعهما من الخلافة وتبايع لابنك عبد الوهاب ، فلم يزالوا به حتى فعل ، ولم يزل مكرماً المعتز والمؤيد على ميل منه شديد إلى المؤيد » .
وقال المسعودي في التنبيه / ٣١٤ : « وتوفي بسر من رأى لأربع خلون من شهر ربيع الآخر سنة ٢٤٨ ، وله ثمان وعشرون سنة ، مسموماً فيما قيل ، وإن الموالي لما علموا سوء نيته فيهم وأنه على التدبير عليهم بادروه بذلك ، فكانت خلافته ستة أشهر ويوماً . وكان مربوعاً ، حسن الوجه ، أسمر ، مسمناً ، ذا شهامة ومعرفة .
كان المنتصر أظهر الإنصاف في الرعية ، فمالوا إليه مع شدة هيبته .
وقال علي بن يحيى المنجم : ما رأيت مثل المنتصر ، ولا أكرم فعالاً بغير تبجح ، لقد رآني مغموماً فسألني فوريت ، فاستحلفني فذكرت إضاقة في ثمن ضيعة ، فوصلني بعشرين ألفاً . وكان قد أبعد وصيفاً في عسكر إلى ثغر الروم ، وكان قد ألح عليه هو وبغا وابن الخصيب في خلع إخوته ، خوفاً من أن يلي المعتز فيستأصلهم .. فقال المنتصر : أترياني خلعتكما طمعاً في أن أعيش بعدكما حتى يكبر ابني عبد الوهاب وأعهد إليه ! والله ماطمعت في ذلك ، ولكن هؤلاء ألحوا عليَّ وخفت عليكما من القتل . فقبَّلا يده ، وضمَّهما إليه » .