الكاتب بسر من رأى سنة ثمان وثلاثين وثلاث مائة ، قال : حدثني أبي قال : كنت بسر من رأى أسير في درب الحصاء فرأيت يزداد النصراني تلميذ بختيشوع وهو منصرف من دار موسى بن بغا ، فسايرني وأفضى بنا الحديث إلى أن قال لي : أترى هذا الجدار ، تدري من صاحبه ؟ قلت : ومن صاحبه ؟ قال : هذا الفتى العلوي الحجازي ، يعني علي بن محمد بن الرضا عليهالسلام وكنا نسير في فناء داره ، قلت ليزداد : نعم ، فما شأنه ؟ قال : إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو !
قلت : وكيف ذلك ؟ قال : أخبرك عنه بأعجوبة لن تسمع بمثلها أبداً ، ولا غيرك من الناس ، ولكن لي الله عليك كفيلٌ وراعٍ أنك لا تحدث به عني أحداً ، فإني رجل طبيب ولي معيشة أرعاها عند هذا السلطان ، وبلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فَرَقاً منه ، لئلا ينصرف إليه وجوه الناس ، فيخرج هذا الأمر عنهم ، يعني بني العباس .
قلت : لك علي ذلك ، فحدثني به وليس عليك بأس ، إنما أنت رجل نصراني ، لا يتهمك أحد فيما تحدث به عن هؤلاء القوم ، وقد ضمنت لك الكتمان .
قال : نعم ، أعلمك أني لقيته منذ أيام
وهو على فرس أدهم ، وعليه ثياب سود ، وعمامة سوداء ، وهو أسود اللون ، فلما بصرت به وقفت إعظاماً له ، لا وحق المسيح ما خرجت من فمي إلى أحد من الناس وقلت في نفسي : ثياب سودٌ ، ودابةٌ سوداء ورجلٌ أسود « كان عليهالسلام شديد السمرة »
سواد في سواد في سواد ! فلما بلغ إلي وأحدَّ النظر قال : قلبك أسود مما ترى عيناك من سواد في سواد في سواد ! قال