أمر عبيد الله أن يحجب نجاح عن المتوكل ، فقال له : يا أبا الفضل إنصرف حتى ننظر وتنظر في هذا الأمر ، وأنا أشير عليك بأمر لك فيه صلاح . قال : وما هو ؟ قال : أصلح بينك وبينهما وتكتب رقعة تذكر فيها أنك كنت شارباً ، وأنك تكلمت بأشياء تحتاج إلى معاودة النظر فيها ، وأنا أصلح الأمر عند أمير المؤمنين ! فلم يزل يخدعه حتى كتب رقعة بما أمره به فأدخلها على المتوكل وقال : يا أمير المؤمنين قد رجع نجاح عما قال البارحة ، وهذه رقعة موسى والحسن يتقبلان به بما كتبا ، فتأخذ ما ضمنا عنه ، ثم تعطف عليهما فتأخذ منهما قريباً مما ضمن لك عنهما ، فَسُرَّ المتوكل وطمع فيما قال له عبيد الله ، فقال : إدفعه إليهما ، فانصرفا به وأمرا بأخذ قلنسوته عن رأسه وكانت خزاً ، فوجد البرد فقال : ويحك يا حسن قد وجدت البرد ، فأمر بوضع قلنسوته على رأسه وصار به موسى إلى ديوان الخراج ، ووجها إلى ابنيه أبي الفرج وأبي محمد ، فأُخذ أبوالفرج وهرب أبومحمد ابن بنت حسن بن شنيف ، وأخذ كاتبه إسحاق بن سعد بن مسعود القطربلي وعبد الله بن مخلد المعروف بابن البواب ، وكان انقطاعه إلى نجاح ، فأقر لهما نجاح وابنه بنحومن مائة وأربعين ألف دينار ، سوى قيمة قصورهما وفرشهما ومستغلاتهما ، بسامرا وبغداد ، وسوى ضياع لهما كثيرة !
فأمر بقبض ذلك كله ، وضرب مراراً بالمقارع في غير موضع الضرب ، نحواً من مائتي مقرعة ، وغُمز وخُنق ، خنقه موسى الفرانق والمعلوف .