ذهبنا معا إلى الطابق الأعلى من البيت وأوقفني عند باب غرفة المكتبة وجعل يأتي بكتاب بعد كتاب وجعلت أتصفّحها بعجل علنى أجد بغيتي. كانت الكتب بحالة مزرية ، مبعترة على الأرض والرفوف ، علاها الغبار والتراب وأفسدت الأرضة جملة بها ، ورأيته يطأ عليها ذاهبا وعاتدا كأن لم يكن كتاب تحت رجليه.
أبصرت مخطوطا على الأرض كان له نصيب وافر من السحق ، فرجوته أن يأتينى به ، فلما فتحته وجدته الكتاب الذى أتيت من أجله إلى صاحبنا البخيل ، وقرأت سطورا من أوائله فإذا هو خلو من الأغلاط التي كنت أحفظها من النسخ المطبوعة ، ورأيت وقفية على الورقة الأولى مفادها أنه وقف على طلاب النجف الأشرف.
وضعت الكتاب على رفّ من الرفوف ، وعدت أدراجى إلى غرفة الاستقبال ، وانتهت زيارة المكتبة مع كل الأسف ...
ذكرت لهذا الإنسان عملي في الكتاب وأنني سأقوم بطبعه ونشره واودّ أن أستعين في التصحيح بنسخته ، فأبى أن يعيرني النسخة. أعلنت عن استعدادى بوضع مبلغ كبير تحت تصرفه كرهن حتى أعيد الكتاب سالما كما أخذته ، فأصر في الاباء والامتناع. طلبت منه أن يسمح لي بالمجىء إلى بيته ومقابلة الكتاب بمحضره ، ولكن اشتدّ إباؤه. وأخيرا قلت له إن الكتاب وقف على طلبة العلم وأنا من الطلبة وأحسن أنواع الاستفادة هو العمل الذى أقوم به ولا يجوز حبس الكتاب في هذه الفرصة العلمية ، فكان الجواب النفي البات.
خرجت من البيت مترحما على الواقف المسكين ولاعنا الحابس اللئيم ...
* * *
اتجهت إلى أسلوب آخر فى التصحيح وإخراج الكتاب ، وهو :
عرض المواد على كتب اللغة المهمة ، وتخريج كل الآيات وبعض الأحاديث ،