من الفاء في جوابه ، تقول : « أَمَّا عبد الله فقائم » ، وإنما احتيج إلى الفاء في جوابه لأن فيه تأويل الجزاء ، كأنك قلت : « مهما يكن من شيء فعبد الله قائم ».
ثم قال : و « أَمَا » مخففا لتحقيق الكلام الذي يتلوه ، تقول : « أما إن زيدا عاقل » يعني أنه عاقل على الحقيقة دون المجاز ... انتهى.
وقال الزمخشري : أما من مقدمات اليمين وطلائعها نحو :
أما والذي لا يعلم الغيب غيره
أما والذي أبكى وأضحك والذي
وقد تحذف ألفها نحو « أم والله زيد قائم ».
( أنا )
قوله تعالى : ( إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلى طَعامٍ غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ ) أي نضجه وإدراكه ، من الإنَا ـ بالكسر والقصر ـ النضج ، وقيل : إنَاه : وقته ، أي غير ناظرين إلى وقت الطعام وساعة أكله.
قال المفسر : هو حال من ( لا تَدْخُلُوا ) وقع الاستثناء على الحال والوقت معا ، كأنه قال : « لا تدخلوا بيوت النبي إلا وقت الإذن ، ولا تدخلوها إلا غير ناظرين إناه ».
رُوِيَ : « أَنَّ رَسُولَ اللهِ (ص) أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ بِتَمْرٍ وَسَوِيقٍ وَذَبَحَ شَاةً ، فَأَمَرَ أَنَساً أَنْ يَدْعُوَ لَهُ الصَّحَابَةَ ، فَتَرَادَفُوا أَفْوَاجاً أَفْوَاجاً ، يَأْكُلُ كُلُّ فَوْجٍ فَيَخْرُجُ ثُمَّ يَدْخُلُ فَوْجٌ ، إِلَى أَنْ قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ (ص) قَدْ دَعَوْتُ حَتَّى لَا أَجِدُ أَحَداً أَدْعُوهُ. فَقَالَ : ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ ، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ يَتَحَدَّثُونَ فَأَطَالُوا ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ لِيَخْرُجُوا ، فَطَافَ بِالْحُجُرَاتِ وَرَجَعَ فَإِذَا الثَّلَاثَةُ جُلُوسٌ مَكَانَهُمْ ، وَكَانَ (ص) شَدِيدَ الْحَيَاءِ فَتَوَلَّى عَنْهُمْ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ مُتَوَلِّياً خَرَجُوا ، فَنَزَلَتِ الْآيَةُ » (١).
قوله تعالى : ( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا ) من أَنَى الأمرُ : إذا جاء إنَاه ، أي وقته ، والمعنى : ألم يَحِن للمؤمنين أن تَلين قلوبهم ، أي ألم يَأتِ وقْتُ ذلك
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي ص ٢٧٠.