لفكرتهم وكان التشاجر قائماً على ساقيه بين الفرقتين طوال قرون (١).
ويقسّم السيّد محمّد تقي الحكيم مناشئ الاختلاف الفقهي بين علماء المسلمين إلى قسمين :
١ ـ الخلاف في الأصول والمباني العامة التي يعتمدونها في استنباطهم ، كالخلاف في حجّية أصالة الظهور الكتابي ، أو الإجماع ، أو القياس ، أو الاستصحاب ، أو غيرها من المباني مما يقع موقع الكبرى من قياس الاستنباط.
٢ ـ اختلافهم في مدى انطباق هذه الكبريات على صغرياتها بعد اتفاقهم على الكبرى سواء كان منشأ الخلاف اختلافاً في الضوابط التي تعطى لتشخيص الصغريات بوجهة عامة أم ادّعاء وجود قرائن خاصّة لها مدخلية في التشخيص لدى بعض وإنكارها لدى آخرين كأن يستفيد أحدهم من آية الوضوء ، مثلاً ـ بعد اتفاقهم على حجّية الكتاب ـ أنّ التحديد فيها إنّما هو تحديد لطبيعة الغسل وبيان لكيفيته فيفتي تبعاً لذلك بالوضوء المنكوس بينما يستفيد الآخرون أنّه تحديد للمغسول وليس فيه أية دلالة على بيان كيفية الغسل ؛ أي أنّه لم يكن في مقام البيان من هذه الجهة فلابدّ من التماس بيان الكيفية من الرجوع إلى الأدلّة الأُخرى كالوضوءات البيانية وغيرها (٢).
ولسنا الآن بصدد استعراض واستقصاء موارد الخلاف العقيدي والفقهي بين المذاهب الإسلامية ولكنّنا أشرنا فقط إلى نموذج لدور العامل الفكري العلمي في حصول المذاهب والفِرَق.
__________________
١ ـ بحوث في الملل والنحل ٢ : ٧ ( بتصرّف ).
٢ ـ الأصول العامة للفقه المقارن : ١٨.