العلاقة بين المذاهب
وإذا كانت تعدّدية المذاهب والفِرَق ظاهرة طبيعية في جميع الأديان والمبادئ ، فكيف كان يتمّ التّعامل والعلاقة بين المذاهب المختلفة ضمن الدين الواحد؟
بالطبع إنّ مستوى وعي الإنسان بالقيم ومدى التزامه بالأخلاق الفاضلة هو الذي يحدّد طريقة تعامله مع من يخالفه في الدين أو المذهب. ذلك أنّ الإيمان بقيمة الإنسان كإنسان وحقّه في أن يعيش حرّاً كريماً حسبما يشاء ويختار ، هذا الإيمان يفرض على صاحبه احترام إرادة الآخرين والاعتراف بحرّيتهم في اختيار أديانهم ومذاهبهم ومعتقداتهم. وللتربيّة الأخلاقية دورها الفعّال والحاسم في تنظيم علاقة الإنسان بالآخرين وخاصّة من يختلف معهم.
ومؤلم حقّاً ما يحتفظ به التاريخ من سجلّات داميّة لحالات الصّراع والاضطهاد المتبادل بين أبناء الدين الواحد عند اختلاف مذاهبهم في فترات انحطاط الوعي وتدنّي المستوى الأخلاقي.
وإذا كانت هناك أعذار تلتمس ومبرّرات تفتعل للصراع والعداء بين أتباع الأديان المختلفة المتناقضة فما هي مبرّرات الصّراع بين أبناء الدين الواحد مع انتمائهم لعقيدة واحدة تجمعهم وإيمانهم بزعيم روحي واحد ، ومع وجود القواسم المشتركة ومجالات الاتفاق التي هي أوسع وأكبر من مساحة الاختلاف فيما بين مذاهبهم؟