الكريم ليقدّم الحلول الناجعة والحاسمة لها ، وهذه الحلول تقوم على أساس أنّ الوحدة لا يمكن أن تُبنى بالمال مضافاً إلى الإعلام ، ولا على أساس القوّة مضافة إلى الإعلام ، بل تقوم على أساس العقل مضافاً إلى الوحي ، فالعقل هو الحجّة الباطنة ، أمّا الوحي فهو الذي يثير دفائن العقل ، ويفجّر طاقات الفكر ، وهو الحجّة الظاهرة لله سبحانه على العباد ، والأساس المتين للوحدة.
وهذه البصيرة القرآنية تعني أنّه ليس من حقّ أحد أن يلغي دور الآخرين ، فالوحدة لا تعني وحدتي أنا فحسب ، بل تعني توحيد الله وحده ، واستظلال ( الأنا ) بظلّ رحمة ربّ العالمين ، وبقاءنا جميعاً في ظلّ رحمته الإلهية الواسعة ، فالذي ينظّم علاقتي بك هو عقلي وعقلك ، والوحي بدوره هو الذي ينظّم عقولنا ، ويفجّر طاقات فكرنا.
إنّ الله سبحانه وتعالى عندما يبيّن أسس الوحدة يقول : (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) (١).
فما هو حبل الله؟ أهو القومية أو العنصرية أو الديكتاتورية؟ أم هو الإقليم أو الدولة؟ كلا بالطبع ، فالحبل الإلهي يعني أنّ الله جلّ وعلا هو ربُّ كلّ شيءٍ ، وخالقنا جميعاً ، فعلاقة الله بنا ، وعلاقته بالآخرين ، هي علاقة واحدة ؛ لأنّه هو الذي خلقنا جميعاً ؛ فكلّنا عباد له.
ونحن عندما نقول وندعو إلى الوحدة بين السنّة والشيعة فإنّ هذا لا يعني
__________________
١ ـ آل عمران (٣) : ١٠٣.