السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا) (١) ، وهذا من الله إنكار على بعض المسلمين الذين قتلوا في الحرب رجلاً مع رفع يديه مستسلماً للمسلمين شاهداً شهادة الإسلام ، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأسامة بن زيد الذي قتل في الحرب رجلاً بعد أن قال لا إله إلّا الله : أقتلته بعد أن قال لا إله إلّا الله! وما تفعل بلا إله إلّا الله إذا جاءت يوم القيامة! فقال أسامة يا رسول الله ، أنما قالها متعوّذاً! فقال صلى الله عليه وآله وسلم : هلا شققت عن قلبه! وذلك أنّ هذا الرجل الذي قتله أسامة كان قتل طائفة من المسلمين فلمّا علاه أسامة بالسيف قال : لا إله إلّا الله! وفي هذه قرينة أكيدة تبلغ درجة الدليل أنّ مثل هذا كافر القلب وأنّه لم يقل ذلك إلّا خوفاً من السيف ومع ذلك أمرنا الرسول أن نكفّ عنه حتّى مع عدم أمننا من انقلابه علينا بعد ذلك وقتاله لنا. وهذا من أعظم الأدلّة على أنّ لا إله إلّا الله تحرّم علينا دم قائلها حتّى لو قطعنا بيقين أنّه كاذب في هذه الكلمة.
ومن الأدلّة أيضاً على وجوب معاملة الرجل معاملة المسلمين حتّى لو لم يقم عندنا الدليل على إسلامه حقيقةً قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم : وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف (٢).
ولهذا قبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كافّة الوفود التي جاءته إسلامها وشهد لها بذلك وعاملهم معاملة المسلمين مع أنّ كثيراً منهم لم يكن الإيمان قد دخل قلوبهم بعد ، وكثير منهم كان يجهل حقائق الإيمان ، كما قال تعالى : (قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ) (٣).
__________________
١ ـ النساء (٤) : ٩٤.
٢ ـ صحيح البخاري ١ : ٩ و ١٣.
٣ ـ الحجرات (٤٩) : ١٤.