وهذه شهادة من الله سبحانه على أناس أنّهم لم يدخل الإيمان في قلوبهم بعد ومع ذلك أمرهم سبحانه أن يقولوا : أسلمنا ، ولا شكّ أنّ قولهم أسلمنا يلزم المؤمنين أن يعاملوهم بالإسلام فيكفّوا عن دمائهم ويلقوا عليهم السلام ونحو ذلك من حقوق المسلم على المسلم.
بل أمرنا الكتاب والسنّة بالحكم بالإسلام لكلّ من أظهر شيئاً من الدين وأعلن الدخول في الإسلام حتّى لو كان منافقاً كاذباً كالأعراب الذين أعلنوا الإسلام ولم يفهموه ولم يعلموا حقائق الإيمان بعد ، وكالمتعوّذين الخائفين الذين قد يعلنون الإسلام ويخفون من الكفر ما الله به عليم ، وكلّ أولئك أمرنا الله أن نقبل علانيتهم وندع سرائرهم إلى الله سبحانه وتعالى ، كما قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم علانية المنافقين وعاملهم بذلك ، ولم يعاملهم بما أظهر الله سبحانه وتعالى للنبي من أسرارهم ، وبما وقف عليه الرسول نفسه من أخبارهم بل ترك معاقبتهم على سوء نيتهم لله سبحانه وتعالى (١).
وفي صحيح البخاري بسنده قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
مَنْ شهد أن لا إله إلّا الله ، واستقبل قبلتنا ، وصلّى صلاتنا ، وأكل ذبيحتنا فهو المسلم ، له ما للمسلم ، وعليه ما على المسلم (٢).
وفيه أيضاً بالإسناد إلى أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : مَن صلّى صلاتنا ، واستقبل قبلتنا ، وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته (٣).
__________________
١ ـ فصول من السياسة الشرعية في الدعوة إلى الله : ٩٦ ـ ١٠٠.
٢ ـ صحيح البخاري ١ : ١٠٣
٣ ـ المصدر السابق : ١٠٢.