واستوصوا بالنصراني وقالوا : أحفظوا ذمة نبيّكم (١)!
وأقبل واصل بن عطاء مسافراً مع رفقه له فاحسّ بالخوارج متمركزين في أحد منعطفات الطريق ، فأصاب الهلع رفاقه من بطش الخوارج لكنّه طمئنهم بأنّه سيؤمّن لهم النجاة بادعائه أنّه وأصحابه مشركون أمام الخوارج ، وبالفعل لم يعتد الخوارج عليهم بل طبّقوا عليهم قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) (٢)!
قيل : لما أقبلت الخارجة من البصرة حتّى دنت من النهروان رأى عصابة منهم رجلاً يسوق بامرأة على حمار ، فدعوه فانتهروه فأفزعوه وقالوا له : من أنت؟ قال : أنا عبد الله بن خبّاب صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، فقالوا له : أفزعناك؟ قال : نعم. قالوا : لا روع عليك ، حدّثنا عن أبيك حديثاً سمعه من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تنفعنا به. فقال : حدّثني أبي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال : تكون فتنة يموت فيها قلب الرجل كما يموت فيها بدنه ، يمسي فيها مؤمناً ويُصبح كافراً ، ويُصبح كافراً ويمسي مؤمناً. قالوا : لهذا الحديث سألناك ، فما تقول في أبي بكر وعمر؟ فأثنى عليهما خيراً. قالوا : ما تقول في عثمان في أوّل خلافته وفي آخرها؟ قال : إنّه كان محقّاً في أوّلها وفي آخرها. قالوا : فما تقول في علي قبل التحكيم وبعده؟ قال : إنّه أعلم بالله منكم وأشدّ توقّياً على دينه وأنفذ بصيرة. فقالوا : إنّك تتّبع الهوى وتوالي الرجال على أسمائها لا على أفعالها ، والله لنقتلنّك قتلة ما قتلناها أحداً.
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة ٢ : ٢٨٠.
٢ ـ التوبة (٩) : ٦ شرح نهج البلاغة ٢ : ٢٨١ (بتصرف).