الهداة من الخوض فيه ، فقد سأل الرّيّان بن الصلت الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام : ما تقول في القرآن؟ فقال : كلام الله لا تتجاوزوه ، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلوا (١).
فالمهمّ هو الالتزام بالقرآن وعدم الضلال عنه.
وحدّث سليمان بن جعفر الجعفري قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفرعليهما السلام : يا ابن رسول الله ما تقول في القرآن؟ فقد اختلف فيه من قبلنا ، فقال قوم : إنّه مخلوق ، وقال قوم : إنّه غير مخلوق؟ فقال عليه السلام : أما إنّي لا أقول في ذلك ما يقولون ، ولكنّي أقول : إنّه كلام الله (٢).
إنّ امتناع الأئمّة من إعطاء رأيهم الصريح في الموضوع آنذاك إنّما هو ابتعاد منهم عن المشاركة في فتنة مشبوهة كما أشار إلى ذلك الإمام علي الهادي عليه السلام حيث كتب إلى بعض شيعته ببغداد الرسالة التالية : بسم الله الرحمن الرحيم. عصمنا الله وإيّاك من الفتنة فإن يفعل فقد أعظم بها نعمة ، وإن لا يفعل فهي الهلكة. نحن نرى : أنّ الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب ، فيتعاطى السائل ما ليس له ، ويتكلّف المجيب ما ليس عليه ، وليس الخالق إلّا الله عجل الله تعالى فرجه ، وما سواه مخلوق ، والقرآن كلام الله ، لا تجعل له اسماً من عندك فتكون من الضالين جعلنا الله وإيّاك من (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) (٣).
ولكن هذه المسألة الجزئية الهامشية أصبحت ملاكاً وحدّاً فاصلاً بين
__________________
١ ـ عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢ : ٦٢.
٢ ـ توحيد الصدوق : ٢٢٤ باب القرآن ما هو ، ح٥.
٣ ـ المصدر السابق : ج٤ ، الأنبياء (٢١) : ٤٩.