الإيمان والكفر لدى المتعصّبين والمتطرّفين فهذا أبو عبد الله محمّد بن يحيى الذهلي ( ت سنة ٢٥٥ ) يقول : من زعم أنّ القرآن محدثٌ فهو عندنا جهمي لا يشك فيه ولا يمترى (١).
وشاع التكفير حتّى عند النساء يحدثنا الخطيب في تاريخ بغداد إنّ امرأة تقدّمت إلى قاضي الشرقية عبد الله بن محمّد الحنفي ، فقالت : إنّ زوجي لا يقول بمقالة أمير المؤمنين في القرآن ، ففرّق بيني وبينه (٢).
واتسع الخلاف بين المسلمين ، من تكفير البعض للبعض فطائفة تقول إنّ من قال القرآن غير مخلوق فهو كافر ، وعليه ابن أبي داود ( ت ٢٤٠ هـ ) وجماعته (٣) ، حتّى إنّ الخليفة الواثق استفكّ من الروم أربعة آلاف من الأسارى ، ولكنّه اشترط أنّ من قال القرآن مخلوق يخلى من الأسر ، ويعطى دينارين ومن امتنع عن ذلك فيترك في الأسر ولا يفكّ ، بمعنى أنّه رتّب آثار الكفر على من لم يقل بخلق القرآن (٤).
ولما قدم أحمد بن نصر إليه قال له الواثق : ما تقول في القرآن؟ [ وكان أحمد ممن يذهب إلى أنّ القرآن غير مخلوق ] فقال : كلام الله ، وأصرّ على رأيه غير متلعثم فقال بعض الحاضرين : هو حلال الدم! وقال ابن أبي داود : هو شيخ مختل لعل له عاهة أو تغيّر عقله ، يؤخّر أمره ويستتاب! فقال الواثق : ما أراه إلّا داعياً للكفرة ، ثمّ دعا بالصمصامة فقال : إذا قمت إليه فلا يقومنّ أحد
__________________
١ ـ سير أعلام النبلاء ١٢ : ٢٨٩.
٢ ـ تاريخ بغداد ١٠ : ٧٤.
٣ ـ الكامل في التاريخ ٧ : ٢٢.
٤ ـ لاحظ تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٣٩ ، ولاحظ الكامل في التاريخ ٧ : ٢٤.