معي فإنّي احتسب خطاي إلى هذا الكافر الذي يعبد ربّاً لا نعرفه ، ثمّ أمر بالنطع فأجلس عليه وهو مقيّد ، وأمر أن يشدّ رأسه بحبل ، وأمرهم أن يمدّوه ، ومشى إليه برجله وضرب عنقه ، وأمر بحمل رأسه إلى بغداد (١)!
أليس مؤلماً أن يسبّب الخلاف في الرأي مثل هذه الجرائم المرعبة؟
وأليس عجيباً أن يحدث مثل ذلك في أمُة يقوم دينها على التسامح ويدعو إلى الرحمة ويؤكّد على حريّة الإنسان وكرامته وحرمة المسلم ومكانته؟
وقد نال مذهب الشيعة الإمامية حصّة الأسد في فتاوى التكفير التي يصدرها المتعصّبون البعيدون عن روح الإسلام وأخلاقه وكان من أواخرهم الشيخ ( نوح الحنفي ) فقد أفتى بتكفير الشيعة وأوجب قتلهم وأباح سبي ذراريهم ونسائهم سواء تابوا أم لم يتوبوا (٢)!
كان مؤمّلاً أن تتجاوز الأُمّة الإسلامية هذه التفاهات وتتخلّص من أمراض القرون الماضية في هذا العصر الحديث ، وحيث تواجهها تحدّيات عظيمة ، وتعيش في عصر التقدّم العلمي والتكنولوجي ، ولكن ما يدعو إلى التألّم والأسف ظهور حركات وتوجّهات متعصّبة تريد إعادة ما حدث في التاريخ من صراعات طائفية مريرة تمزّق صفوف الأُمّة في وقت أحوج ما
__________________
١ ـ طبقات الشافعية الكبرى ١ : ٢٨٦ (بتصرّف).
٢ ـ العقود الدرّية في تنقيح الفتاوى الحامدية ٢ : ١٧٨ باب البردّة والتعزير نقل نص فتوى الشيخ نوح صاحب الفتوى الحامدية لحامد بن علي العمادي الحنفي ( ت ١١٧١ هـ ) ونقّحه محمّد أمين بن عمر ابن عبد العزيز ( ت ١٢٥٢ هـ ) وسمّاه بـ (العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية).