التعصب والإرهاب الطائفي
كان أبان بن تغلب من خواص تلامذة الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، وقد أمره أستاذه الإمام أن يجلس للإفتاء في مسجد المدينة ، ولأنّ السائلين والمستفتين كانوا يختلفون في مذاهبهم ومراجعهم ، فقد وجّهه الإمام إلى أن لا يقتصر على نقل رأي مذهب أهل البيت أو فتاواهم ، بل يفتي السائلين حسب مذاهبهم ، يقول له الإمام الصدق عليه السلام : انظر ما علمت أنّه من قولهم فأخبرهم بذلك (١).
وينقل الشيخ أبو زهرة قصة مشابهة عن تلميذ آخر للإمام جعفر الصادق عليه السلام وهو مسلم بن معاذ الهروي أنّه كان يجلس في المسجد ويفتي الناس بأقوال الأئمّة جمعاً حتّى قال له يومياً سيّدنا جعفر : بلغني أنّك تجلس في المسجد وتفي الناس.
أجاب : نعم وكنت أودّ أن أسالك عن ذلك إذ يأتيني الرجل فأعرفه على مذهبكم فأفتيه بأقوالكم ، ويأتيني الرجل فأعرفه على غير مذهبكم فأفتيه بأقوال مذهبه ، ويأتيني الرجل فلا أعرف مذهبه. فأذكر له أقوال الأئمة وأدخل قولكم بين الأقوال ، فأشرق وجه سيدنا الإمام جعفر رضوان الله عليه وقال : أحسنت أحسنت هكذا أنا أفعل لأنّه كان إذا سئل عن مسألة ذكر كلّ أقوال العلماء فيها (٢).
__________________
١ ـ اختيار معرفة الرجال ٢ : ٦٢٢.
٢ ـ الإسلام بين السنة والشيعة ٢ : ٦٩.