اليدين ، وكان بعضهم يرى الروافض بالحجاز والعراق سابلي أيديهم فاتّهمونا بمذهبهم. وسألونا عن ذلك ، فأخبرناهم أنّنا على مذهب مالك فلم يقنعوا بذلك عناء.
واستقرت التهمة في نفوسهم حتّى بعث إلينا نائب السلطان بأرنب ، وأوصى بعض خدامه أن يلازمنا حتّى يرى ما نفعل به. فذبحناه وطبخناه وأكلنا ، وانصرف الخديم إليه وأعلمه بذلك ، فحينئذٍ زالت التهمة وبعثوا لنا بالضيافة والروافض لا يأكلون أرنب (١).
أمّا ياقوت الحموي فقد ذكر في معجمه أنّه في سنة ٦١٧ هـ مر على مدينة ري فوجد أكثرها خراباً ، ولما سأل بعض عقلائها عن السبب أجاب بأنّه كان في المدينة ثلاث طوائف : شيعة وأحناف وشافعية. فتظاهر الأحناف والشافعية على الشيعة ، ثمّ وقعت الحرب بين الأحناف والشافعية ، فتغلّب هؤلاء على أولئك ، وهذا الخراب هو في ديار الشيعة والأحناف فقط (٢)!
ويصل التعصّب المذهبي بالبعض إلى حدّ يدفعه للابتعاد عن بعض السنن والأعمال رغم شرعيتها لتداولها عند أهل مذهب آخر خلافاً لقوله تعالى : (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ) (٣) ، فقد ذكر الزرقاني في المواهب اللدنيّة في صفة عمامة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على رواية علي عليه السلام في إسدالها على منكبه حين عمّمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثمّ ذكر قول الحافظ العراقي أنّ ذلك أصبح شعار كثير من فقهاء الإمامية فينبغي تجنّبه لترك التشبّه بهم (٤)!
__________________
١ ـ رحلة ابن بطوطة : ٣٣٢.
٢ ـ لاحظ معجم البلدان ٣ : ١١٧.
٣ ـ الزمر (٣٩) : ١٨.
٤ ـ لاحظ شرح العلاّمة الزرقاني على المواهب اللدنية ٦ : ٢٧٦.