وكانت جماهير الأُمّة تهلّل فرحاً لكلّ مؤسّسة رسمية ترفع راية الوحدة ، أو إطار إقليمي يتبنّى التعاون والتنسيق ، أو أيّ صيغة تبشر بتوجّه وحدوي ، ولو بين دولتين وقطرين من أقطار المسلمين.
لكن هذا الرهان باء بالفشل والخيبة ، وتأكّد لجماهير الأُمّة أنّ معظم الأنظمة والحاكمين ، لا يتوقّع تحقيق وحدة الأُمّة على أيديهم.
فأكثر هذه الأنظمة تدور ضمن أفلاك دولية ، لا ترى أنّ من مصلحتها وحدة الأُمّة ، بل تعمل لإبقائها مجزّأة ممزّقة.
وأغلب الحاكمين تسيطر عليهم نزعة التسلّط والتفرّد ، وليسوا مخلصين لمصلحة الأُمّة ، ولا جادّين في تحقيق آمالها وتطلّعاتها ، كما لا يمتلكون مستوى من الوعي السياسي الحضاري الذي يدفعهم للتعاون فيما بينهم.
من هنا ، أصبحت المؤسّسات الرسمية ذات الطابع الوحدوي هياكل شكلية ، وبقيت الأُطُر دون محتوى ومضمون حقيقي. وانتهت أغلب مشاريع الوحدة إلى التفكّك والخلاف والنزاع.
وهناك من يرى أنّ الوحدة يجب أن تبدأ من جماهير الأُمّة ، وذلك بتعبئة الجمهور ، ودفعه لفرض الوحدة ، وأن يمارس الناس السلوك الوحدوي ، ويجسّدون عملية الوحدة في تعاملهم الاجتماعي.
وإذا ما أصبحت الوحدة مطلباً للناس ، وتحرّكوا لتحقيقه ، فإنّ إرادتهم ستنتصر على القوى والعناصر المناوئة والمضادّة للتوجّه الوحدوي.
ولكن ، كيف يمكن تعبئة الناس باتّجاه الوحدة ، وهناك واقع من التمايز والتنوّع القومي والعرقي والمذهبي والإقليمي والسياسي والطبقي ...؟ وكلّ لون