تعالى : (لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ) (١) ، والمقصود في الآية الكريمة المنافقون أو الطابور الخامس.
ومن المسارات التي سلكها القرآن الحكيم ، في تناول موضوع الوحدة ، التوجيه إلى قراءة أحوال الأُمم السابقة ، في هذا المجال ، وأخذ العبر والدروس من التحوّلات السلبية ، التي حصلت لها ، وعصفت بوحدتها وتماسكها ، وجعلتها عرضة للتفرّق والتمزّق.
فمن أيّ وسط بدأ الخلاف في الأُمم السابقة؟ ومن أيّ شريحة اجتماعية انطلق وانتشر؟
الملفت للنظر ما يؤكّد عليه القرآن الكريم ، في هذا السياق ، من أنّ سبب الاختلاف في تلك الأُمم ، ليس الجهل بالحقائق ، ومنطلق الخلاف ليس من الأوساط الجاهلة بالدين والبعيدة عنه ، وإنّما جاء الاختلاف من واقع العلم والمعرفة ، وانبثق من الأوساط العالمة بالدين ، والتي تحتضن الدعوة والكتب السماوية المقدّسة.
وهذا ما يظهر من آيات قرآنية عديدة. يقول تعالى : (وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا) (٢). (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ) (٣). (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ) (٤).
__________________
١ ـ التوبة (٩) : ٤٧.
٢ ـ البقرة (٢) : ٢١٣.
٣ ـ آل عمران (٣) : ١٩.
٤ ـ آل عمران (٣) : ١٠٥.