وقد استوقفت هذه الملاحظة العديد من العلماء المفسرين للقرآن ، عند تناولهم لبعض هذه الآيات الكريمة.
يقول السيد محمّد حسين الطباطبائي ، عند تفسيره للآية رقم٢١٣ من سورة البقرة : إنّه تعالى يخبرنا أنّ الاختلاف نشأ بين النوع في نفس الدين ، وإنّما أوجده حملة الدين ممن أوتي الكتاب المبين : من العلماء بكتاب الله ، بغياً بينهم وظلماً وعتوّاً (١).
ويتحدّث السيّد عبد الأعلى السبزواري بتوضيح أكثر حول الموضوع عند تفسيره للآية ٢١٣ من سورة البقرة فيقول : والمعنى أنّ الاختلاف إنّما حصل من حملة الكتاب العالمين به ، بغياً بينهم وتجاوزاً ، فحرّفوا كتاب الله تعالى ، وضيّعوه وتعدّوا حدوده.
ويُستفاد من قوله تعالى : (إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ) (٢) أنّ الاختلاف الحاصل في الكتاب والشريعة ، لا يكون إلّا من حملة الكتاب الذين قد استبانت لهم الآيات ، وهم الأصل في الاختلاف الواقع في الأديان الإلهية ، وأنّ غيرهم ، وإن كانوا على الخلاف ، ولكنّهم منحرفون عن الصراط وليسوا بغاة ، ويشهد لذلك الاختلاف في كلّ علم ، فإنّه يكون من العالمين به دون غيرهم ممن لا علم له به.
كما يستفاد من قوله تعالى : (بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ) (٣) ، أنّ الكتاب إنّما نزل لرفع الاختلاف ، والتوفيق بين الناس ، وإسعادهم بما فيه من الحجج
__________________
١ ـ تفسير الميزان ٢ : ١٢٢.
٢ ـ البقرة (٢) : ٢١٣.
٣ ـ البقرة (٢) : ٢١٣.