الواضحة والبراهين القويمة ، ولكن يشوب الحق أهواء العالمين به ، وأغراضهم الفاسدة ، وزيغهم بتحريف الكتاب ، أو تأويله بما لا يرتضيه ، عزّ وجلّ ، أو بتبديل آياته ، والأخذ بمتشابهاته ، والإعراض عن محكماته (١).
وحول تفسير الآية ١٠٥ من سورة آل عمران يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي :
ثمّ نهاهم عن سلوك مسلك المتفرّقين ، الذين جاءهم الدين والبينات الموجب لقيامهم به ، واجتماعهم ، فتفرقوا واختلفوا ، وصاروا شيعاً ، ولم يصدر ذلك عن جهل وضلال ، وإنما صدر عن علم وقصد سيء ، وبغي من بعضهم على بعض (٢).
ويؤكّد نفس الحقيقة الدكتور وهبة الزحيلي عند تفسيره للآية ٢١٣ من سورة البقرة فيقول : ثمّ ذكر الله تعالى أنّ بعض أهل الكتاب ، جعلوا كتابهم مصدر الاختلاف عدواناً وتجاوزاً للحقّ ، فقال : لقد اختلف الرؤساء والأحبار وعلماء الدين في الكتاب الذي أنزله الله للحقّ بعدما جاءتهم البينات الواضحة ، والأدلّة على سلامة الكتاب ، وعصمته من إثارة الخلاف ، وإنّه لإسعاد الناس ، لا لإشقائهم والتفريق بينهم ، ولم يكن ذلك الاختلاف من أولي العلم القائمين على الدين ، الحافظين له بعد الرسل ، والمطالبين بتقرّر ما فيه ، إلّا حسداً وبغياً ـ جوراً ـ منهم ، وتعدّياً لحدود الشريعة التي أقامها حواجز للناس (٣).
__________________
١ ـ مواهب الرحمن ٣ : ٢٨٧ ـ ٢٨٨.
٢ ـ تفسير السعدي تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنّان : ١٤٦.
٣ ـ التفسير المنير ٢ : ٢٤٨.