وعقيدته والتزامه ، ويعطي لنفسه الحقّ في إصدار أحكام التكفير والتفسيق والمروق والخروج من الدين.
وهكذا يصبح الدين ساحة صراع ، وخنادق للقتال ، ومواقع للمهاجمة والرمي وتصويب السهام ، فتتمزّق الأُمّة وتحترب وتتشرذم باسم الدين ، وتحت رايات تحمل شعاراته ، وخلف قيادات تلبس مسوحه.
لعلّ من أسوأ وأخطر آثار الصراع والخلاف بين علماء الدين ، انعكاسه على طرح وتبيين الحقائق الدينية.
فقد يلجأ بعض طرفي الصراع ، أو كلاهما ، إلى إنكار حقيقة دينية ، أو طمسها ، لأنّ الطرف الآخر يستفيد منها ، أو يقول بها.
وقد يحرّف شيئاً من مفاهيم الدين ، أو ينسب للدين ما ليس منه ، نكاية بالطرف الآخر ، وكم حصل في الديانات السابقة ، وحتّى في الإسلام ، تحريف وتزوير وإضافة وإنقاص ، بسبب حالات الخلاف والصراع ، بين المذاهب والمدارس والجهات الدينية.
وفي أكثر من آية في القرآن الكريم ، جاء التحذير من التحريف والتزوير ، والطمس للحقائق الدينية ، بدوافع مصلحية ، وعلى خلفية التعصّب والاختلاف. يقول تعالى : (مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ) (١) ، أيّ يصرفونه عن المعنى المقصود منه ، وينسبونه إلى معنى آخر.
وحينما يجد عالم الدين نفسه في مقابل عالم آخر ، فإن الدوافع الذاتية
__________________
١ ـ النساء (٤) : ٤٦.