عليه السلام قال فيه : أمّا الجدال بغير التي هي أحسن ، أن تجادل مبطلاً ، فيورد عليك باطلاً ، فلا تردّه بحجّة قد نصبها الله ، ولكن تجحد قوله ، أو تجحد حقاً ، يريد ذلك المبطل أن يعين به باطله ، فتجحد ذلك الحقّ مخافة أن يكون له عليك فيه حجة ، لأنّك لا تدري كيف المخلص منه.
وفي فقرة أخرى من نفس الحديث : وأمّا الجدال بغير التي هي أحسن ، بأن تجحد حقاً لا يمكنك أن تفرق بينه وبين باطل من تجادله ، وإنّما تدفعه عن باطله بأن تجحد الحقّ ، فهذا هو المحرّم لأنّك مثله ، جحد هو حقاً ، وجحدت أنت حقاً آخر (١).
وقد أفرد الإمام أبو حامد الغزالي باباً في موسوعته إحياء علوم الدين ، لبيان آفات المناظرة ، وما يتولّد منها من مهلكات الأخلاق (٢).
والغريب أن بعض العلماء يجاهر بتخليه عن الموضوعية ، ومخالفته للحقيقة والأحكام الشرعية ، بمبرّر التمايز عن الطرف الآخر ، ومخالفته فيما ذهب إليه.
وكمثال عن ذلك ، ما ذكره الزرقاني في المواهب اللدنية ، في صفة عمّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم على رواية علي في إسدالها على منكبه حين عمّمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ثمّ ذكر قول الحافظ العراقي أن ذلك أصبح شعار كثير من فقهاء الإمامية ، فينبغي تجنّبه لترك التشبّه بهم (٣).
وفي تفسيره للآية الكريمة : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا
__________________
١ ـ الاحتجاج ١ : ١٤ ـ ١ذ٥ فصل ( في ذكر طرف مما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الجدال ... ).
٢ ـ إحياء علوم الدين ١ : ٦٨.
٣ ـ لاحظ شرح العلامة الزرقاني على المواهب اللدنية ٦ : ٢٧٦.