أما لو حصل العكس من ذلك ، وكانت حياة المتديّنين سيئّة متخلفّة ، فإنّ ذلك سيسبّب عزوفاً عند الآخرين من الدين.
لذلك يروى عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام ، قوله مخاطباً تلامذته وأتباعه : كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم ، ليروا منكم الورع والاجتهاد والصّلاة والخير ، فإنّ ذلك داعية (١).
وفي حديث آخر يخاطب أتباعه قائلاً : أنّكم قد نسبتم إلينا ، كونوا لنا زيناً ، ولا تكونوا علينا شيناً (٢).
وعلماء الدين هم قمّة المجتمع الإسلامي ، وطليعته ، فإذا ما كان واقعهم مشرقاً نقيّاً ، يعكس صفاء قيم الإسلام ، فإنّ ذلك يقدّم للآخرين صورة مشرقة عن الدين ، مما يزيد من الاندفاع والإقبال على الدين ، والالتزام بمبادئه.
أما إذا ظهر الخلاف والصراع بين علماء الدين ، ونشط كلّ واحد منهم في إظهار معايب الآخر وأخطائه ، فسيعطي ذلك صورة مشوّهة عن الإسلام ، وسيتسائل الكثيرون : إذا كانت تعاليم الدين سليمة ومجدية فلماذا لا يظهر أثرها على حملته والمبشّرين به؟
وعلماء الدين يفترض أن يكونوا قادة المجتمع المسلم ، ومحل ثقته ومحور التفافه ، وكيف تتوفّر فيهم ثقة الناس ، إذا ما اختلفوا وتصارعوا ، وعملوا على إسقاط سمعة بعضهم بعضاً؟
لقد استفاد المخالفون للإسلام كثيراً من وجود الخلافات والنزاعات بين
__________________
١ ـ الكافي ٢ : ٧٨ الحديث ١٤ باب « الورع ».
٢ ـ مشكاة الأنوار : ١٣٤.