الجهات الدينية ، لإبعاد الناس عن العلماء ، عبر التشكيك في مصداقيتهم ، والتأكيد على دوافعهم الذاتية المصلحية ، ونزوعهم إلى المواقع والمناصب.
نظراً لموقعية العلماء المميّزة في أوساط جماهير الأُمّة ، وللتأثير الكبير الذي يمتلكونه ، فإنّ اختلافهم ونزاعهم لن يبقى في حدودهم ، وإنّما سيعكسه كلّ منهم على أتباعه ، وسينشره في ساحة نفوذه وتأثيره ، وبذلك يصبح الخلاف بين كلّ عالمِين خلافاً ونزاعاً بين جماعتين وفرقتين من المجتمع ، وليس خلافاً بين شخصين ، كما هو شأن الاختلاف بين الأشخاص العاديين.
وقد يجد الناس أنفسهم محشورين ، ومتورّطين في صراع ونزاع بين عالمِين ، تحت عنوان قضية فكرية ، أو مسألة شرعية ، لا يعرفون مضمونها ، ولا دليلها وبرهانها ، وإنّما يتمحور كلّ قسم منهم حول عالم يثقون به ، أو قد توارثوا الولاء لاتّجاهه.
وإضافة إلى انتشار الخلاف ، واتساع رقعته ، بين أبناء المجتمع ، هناك مشكلة أعقد ، هي حدّة الصراع وعمقه غالباً ، حيث يأخذ الخلاف صبغة دينية ، ويرى كلّ طرف نفسه محقاً ، والآخر مبطلاً ، وقد يجيز لنفسه تكفير الآخر ، أو تفسيقه ، أو مقاطعته ، أو إعلان الحرب عليه.
وهذا ما يحدث عادة في الخلافات الدينية ، فأقسى الحروب وأبشعها تلك التي تتمّ بشعارات دينية ، وأعمق النزاعات وأشدّها ما يدور منه في أوساط المتدينّين ، وبتصدّي القيادات الدينية.