قد يجد المكلّف نفسه أمام حكم شرعي يصعب عليه الالتزام به ، ونقصد بذلك ما دون مرتبة العسر والحرج والاضطرار ، التي لها تكليفها الخاص ، وهنا في موقع الصعوبة ، فإنّ اختلاف الفتاوى يتيح للمكلف خياراً آخر ، يتناسب مع مصالحه وظروفه ، وهو ضمن دائرة المشروعية ما دام ناتجاً عن اجتهاد مقبول.
وتبرز أهميّة هذا الأمر أكثر من المستوى الاجتماعي ، بالنسبة للتشريعات التي تتعلّق بالشؤون العامّة للناس.
وكمثال على ذلك موضوع الطلاق ، حيث تحصل حالات من التسرّع والانفعال عند بعض الأزواج ، فيوقع الطلاق ثلاثاً على زوجته دفعة واحدة. وعلى رأي فقهاء المذاهب الأربعة ، فإنّ الطلاق يقع ثلاثاً ، ولا يحلّ له الرجوع إلى زوجته حتّى تنكح زوجاً غيره.
لكن الالتزام بهذا الرأي أدّى إلى الكثير من المشاكل العائلية والاجتماعية ، وفي مقابله رأي آخر لفقهاء الشيعة يرى عدم وقوع الطلاق إلّا مرّة واحدة ، مما يتيح فرصة الرجوع للزوج ، وهو رأي الزيدية أيضاً ، وقد ذهب إلى هذا الرأي من فقهاء السنة الشيخ ابن تيمية وابن القيم.
وقد أخذت بهذا الرأي عدة جهات إسلامية ، وتضمّنه قانون الأحوال الشخصية الذي صدر في مصر سنة ١٩٢٩ م ، وقد جاء في المذكّرة التفسيرية لهذا القانون أنّه موافق لآراء بعض فقهاء المسلمين ، ولو من غير المذاهب الأربعة ، وأنّه ليس هناك مانع شرعي من الأخذ بقول غيرهم خصوصاً إذا