أوساط رجال الدين.
أولاً : تنمو النزعة الأنانية الذاتية ، على حساب المبدأ والمصلحة العامة ، فالفتاوى والآراء والمواقف حينئذ تتأثّر بحسابات المصلحة الشخصية ، وتصبح خاضعة لمعادلة الربح والخسارة.
فلا ينظر رجل الدين الأناني إلى الأمور والأحداث والأشخاص ، نظرة موضوعية على أساس مقاييس الحق والباطل ، وإنّما بمنظار مصلحته ومنفعته العاجلة ، وهذا قد يؤدي به إلى الاصطدام برجال الدين المبدئيين المخلصين ، كما قد يسبب له الصراع حتّى مع أشباهه من رجال الدين الأنانيين ، لأنّ المصالح تختلف وتتخالف.
وقد تحدّث القرآن الحكيم في آيات عديدة ، محذِّراً ومندِّداً بأولئك المساومين على المبادئ ، والمختلّين عن الحقائق ، من أجل مصالح مادية ضئيلة محدودة ، لأنّ أي ثمن في مقابل الحق تافه حقير.
يقول تعالى : ( وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلاَ تَلْبِسُواْ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُواْ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) (١).
وتشير الآية الكريمة إلى أسلوبين خبيثين تستخدمها عادة هذه الفئة : أسلوب تزوير وتزييف الحقائق بإلباس الباطل الذي يطرحونه صورة الحق وعنوانه ، لينطلي على الناس. وإلباس الحق الذي يطرحه غيرهم صورة الباطل وعنوانه ، ليصدّوا الناس عنه.
والأسلوب الآخر : هو كتمان الحقائق والسكوت عنها ، مع معرفتهم بها.
__________________
١ ـ البقرة (٢) : ٤١ ـ ٤٢.