الاجتهاد ، وليس معه بالمنع نصّ من كتاب ، ولا سنّة ، ولا إجماع ، ولا ما هو في معنى ذلك (١).
وحق الاختلاف ، ووجود الرأي الآخر مصان ، بغض النظر عن قلّة أو كثرة أصحابه وأتباعه ، يقول الدكتور القرضاوي : ويقول بعض الإخوة : إنّ الرأي الذي ينفرد به فقيه أو اثنان خلافاً لجمهور الأُمّة ، يجب أن لا يعتدّ به ولا يعوّل عليه.
وقال غيرهم : إن ما خالف المذاهب الأربعة التي تلقتها الأُمّة بالقبول ، يجب أن يرفض ولا يقام له اعتبار.
والحقّ أن هذا كله لا يقوم عليه دليل من كتاب أو سنّة.
فالإجماع الذي هو حجّة ، على ما قيل فيه ، هو اتفاق جميع المجتهدين على حكم شرعي ، ولم يقل أحد : إنّه اتفاق الأكثرية ، أو الجمهور ، فالأمر ليس أمر تصويت بالعدد.
صحيح أن لرأي الجمهور وزناً يجعلنا نمعن النظر فيما خالفه ، ولا نخرج عنه إلا لاعتبارات أقوى منه ، ولكنّه ليس معصوماً على كلّ حال.
وكم من صحابي انفرد عن سائر الصحابة برأي لم يوافق عليه سائرهم ، ولا يضره ذلك.
وكم من فقهاء التابعين من كان له رأي خالفه آراء الآخرين ، ولم يسقط ذلك قوله ، فالمدار على الحجّة لا على الكثرة.
وكم من الأئمة الأربعة من انفرد عن الثلاثة بآراء وأقوال ، مضى عليها
__________________
١ ـ مجموع الفتاوى ٣٠ : ٧٩.