بشكل عميق إلّا بالحوار.
لذا كان الحوار هو منطق الأنبياء والرسل والأئمّة والمصلحين ، حيث كانوا يعرضون رسالات الله ، ويبلّغون أحكامه للناس ، مع إتاحة الفرصة للنقاش والأخذ والردّ ، لكي يندفع الآخر بقناعة وإخلاص لتقبل دين الله وأمره.
يقول تعالى : (ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (١).
حينما يبذل كلّ مجتهد جهده لاستنباط الحكم الشرعي ، وتختلف النتائج التي يصل إليها المجتهدون ، وتتعدّد آراؤهم في المسألة الواحدة إلى حدّ التضاد ، حيث يرى البعض إباحة شيء ، بينما يرى آخرون وجوبه ، بل قد يكون الأمر دائراً بين الوجوب أو الحرمة ، فهنا ، أين هو حكم الله الواقعي في المسألة؟
لقد بحث العلماء إلى القول بالتصويب ، وأطلق عليهم المصوّبة ، حيث يرون أنّ نتيجة أي اجتهاد هي نتيجة صائبة ، وأنّ حكم الله تعالى في المسألة الاجتهادية ، هو ما اهتدى إليه المجتهد باجتهاده ، وليس لله فيها حكم معينّ من قبل ، فكلّ ما يصل إليه اجتهاده فهو الصواب ، وبهذا ينتهون إلى تصويب كلّ مجتهد ؛ أو أنّ لله حكماً معيناً إلّا أنّه لم يكلّف بإصابته ، ويكون ما ينتهي إليه منه مصيباً فيه وإن أخطأ (٢).
__________________
١ ـ النحل (١٦) : ١٢٥.
٢ ـ الاجتهاد أصوله وأحكامه ٢٠٢.