ليس أمام فكر الإنسان حدود ، بل يعمل ضمن مساحة واسعة ، سعة امتداد الكون والحياة ، كما أنّ كلّ قضية يمكن أن تكون موضوعاً للرأي الديني ، والحكم الشرعي ، ضمن دائرة الوجوب ، أو الحرمة أو الإباحة ، بتقسيماتها المعروفة.
من هنا كانت أرجاء الفكر الإسلامي ، والتشريع الإسلامي ، رحبة واسعة ، تبدأ بما فوق الطبيعة ، وما هو خارج الإدراك الحسّي المادّي للإنسان ، وتشمل كلّ قضايا الوجود والحياة ، وتمتدّ لآفاق المستقبل ، ولما بعد الحياة.
فمثلاً ، في مجال التشريع الإسلامي يصل عدد المسائل الشرعية التي يناقشها الفقهاء إلى ما يزيد على نصف مليون مسألة (١).
وذلك راجع بالطبع إلى تفريعات المسائل وتفاصيلها.
وهناك قصة نقلها الرواة ، في حياة الإمام محمّد الجواد بن علي الرضا عليهما السلام تصلح شاهداً على كثرة التفريعات في المسائل الشرعية.
ففي مجلس عقده المأمون ، سابع الخلفاء العباسيين ، لامتحان المستوى العلمي للإمام محمّد الجواد عليه السلام ، والذي كان صغير السن آنذاك ، وأحضر في مقابله قاضي القضاة يحيى بن أكثم فطرح على الإمام الجواد المسألة التالية :
ما تقول أصلحك الله في محرم قتل صيداً؟
وقبل الإجابة ردّ الإمام عليه السؤال لعرض تفريعات المسألة وتفصيلاتها قائلاً :
__________________
١ ـ شهر رمضان شهر البناء والتقدّم : ٣٣.