كما يمنعهم من تحقيق أهدافهم الكبيرة ، ويعرقل سيرهم نحوها ، وقد يؤدّي النزاع والخلاف بينهم على الفروع والجزئيات إلى ضياع أصول الدين ، وأسسه ومعالمه.
والمطلوب ، كخطوة أولى ، إعادة النظر في طرح القضايا والمسائل الدينية من قبل العلماء ، ليكون التركيز والاهتمام بمواقع الاتّفاق أوّلاً ، واعتبارها هي الأصل والقاعدة والمنطلق.
وذلك يتيح الفرصة أكثر لتقريب الآراء في موارد الخلاف ، والتي يجب أن تبقى ضمن حجمها وحدودها الطبيعية ، دون تضخيم أو تهويل.
إنّ البدء من موارد الخلاف والتركيز عليها ، قد يحول دون استثمار مساحات اللقاء الواسعة ، بما يخلق من حساسيات وانفعالات.
بينما الانطلاق من مواقع الاتفاق ، يهيّئ النفوس لمعالجة موارد الخلاف بمرونة وموضوعية ، مما يتيح فرص التقارب ، وتضييق حالات الاختلاف.
وقد ظهرت في هذا العصر ، والحمد لله ، مبادرات طيبة ، من قبل المخلصين من علماء الأُمّة ، لإعادة صيغة اهتمامات العلماء ، باتّجاه التركيز على مساحات اللقاء ، وتحجيم موارد الاختلاف ، كمبادرة دار التقريب بين المذاهب الإسلامية التي انطلقت في القاهرة في الستينات من هذا القرن ، والمبادرة الجديدة المشابهة لها في جمهورية إيران.
وبرزت دعوات وحدوية لمفكّرين غيورين على مصلحة الدين ، ومستقبل الأُمّة ، تبشّر بـ فقه الوفاق الذي يركّز على تأصيل وحدة الأُمّة ، ومن أوائل الداعين إلى هذه الفكرة الرائدة ، والطرح الوحدوي ، سماحة المغفور له الشيخ محمّد مهدي شمس الدين ، الرئيس السابق للمجلس الإسلامي الشيعي