الأعلى في لبنان ، حيث أوضح معالم هذا التوجّه في محاضرة له ضمن مؤتمر تكريم المفكّر الإسلامي الكبير ، السيّد عبد الحسين شرف الدين ، والذي انعقد في بيروت ( ١٨ ـ ١٩ شباط١٩٩٣ م ).
ودعا إلى نفس الفكرة والطرح الدكتور وهبة الزحيلي رئيس قسم الفقه الإسلامي ومذاهبه في جامعة دمشق وكلية الشريعة.
يقول الدكتور الزحيلي : ولم يتخلّص العلماء بالذات ، فضلاً عن العوام ، من العناية بالخلافات ، وضخّموا مسائل الاختلاف ، وهوّلوا وقائع النزاع ، وتركوا نقاط الاتّفاق والتلاقي ، وصنّفوا العديد من المصنّفات في بيان أسباب الاختلاف بين الفقهاء ، إما بحسن نيّة ليعذر الناس العلماء في ما اختلفوا فيه ، أو بسبب الولع بتّتبع الخلافات ، الأمر الذي أنسى الأُمّة في خزانة الفكر الإسلامي أو الإنساني ، ظاهرة الوفاق والتوحيد ، ورصدوا الكثير من مسوغات الخلاف ، ما جعل المسلم يعني بالاختلاف ، وينسى الاتّحاد أو الوحدة.
لذا لم أجد مصنّفاً واحداً في القديم والحديث ، عُني بالأمر البدهي أو الأصيل الإسلامي ، وهو وحدة الفكر والمصدر والاستنباط ، لحمل الناس عليه ، علماً بأنّ نقاط الاتفاق والاتّحاد أكثر بكثير من نقاط الخلاف والخصام والتعصّب المذهبي ...
إنّنا ، نحن العلماء ، آثمون أشدّ الإثم ، من حيث ندري أو لا ندري ، إذا لم نُعِد حساباتنا ، ونفكّر في مصائرنا ، ونعمل من جديد على إعادة وحدة الأُمّة في السياسة والاقتصاد ، والاجتماع والاعتقاد ، والاجتهاد والاستنباط ، والتربية والتعليم ، والتوجيه والتثقيف ، وبناء حياة مزدانة بكلّ عناصر القوة والمجد ، والجدية والنهوض من الكبوات ، ونسيان الخلافات الماضية التي ليس لإثارتها