أو إحيائها أو التحدّث فيها أيّ معنى ، بل إنّها سُمٌّ زعافٌ ، وضرر محض ، يؤدّي لإحياء الحديث في تلك الخلافات التي تفرّق ولا تجمع ، وتهدم ولا تبني ، وتمزّق ولا ترقأ ، وتضعف ولا تقوّي أو تعالج ، وتثير النزاع ولا تؤاخي أو تضمد الجراح.
إنّني أشكّ في أمانة العالم أو المؤرّخ ، الذي يكثر من الحديث أو التحقيق أو الإعلان أو المقال الآن عن جراح الماضي ، وما أدّت إليه من الفرقة المذهبية ، والتشتّت الوجداني ، والضياع القائم ، وما على العالم أو الفقيه إلّا أن ينبه إلى العمل بأوجه اللقاء والتفاهم ، والترفّع عن الأحقاد والخصومات ، وتناسي الثارات ، والعمل على صعيد مشترك يحقّق الوحدة الإسلامية.
إنّني أعيد الحساب بنفسي ، لعلّ غيري يقلّدني ، ويبدأ الجميع في نسج فكر واحد ، وبناء مجد واحد ، والتصدّي لعدو شرس خطير واحد ، فهل من متذكّر أو مستجيب؟!
إنّ الصلح في الفكر والتراث وكلّ النزاعات ، ولاسيما أمام المخاطر ، هو جوهر صفاء الدعوة إلى الله والى الإسلام الحقّ ، وإلى الوجود الدولي الإسلامي الواحد (١).
__________________
١ ـ مجلة المنهاج العدد٣ ، السنة ١ ، ١٩٩٦ م تحت مقال بعنوان (نقاط الالتقاء بين المذاهب الإسلامية بقلم الدكتور وهبة الزحيلي).