٦ ـ أن يجد كلّ مسلم أنّ مصلحة أخيه المسلم هي مصلحة نفسه ، فيسعى لها كما يسعى لمصالح ذاته ، ذلك حيث ينزع الغلّ من صدره والحقد من قلبه وينظر كلّ من المسلمين إلى الآخر ـ مهما كان ـ نظر الإخاء لا نظر العداء وبعين الرضا لا بعين السخط ، وبلحاظ الرحمة لا الغضب والنقمة.
ذلك حيث يحسّ بوجدانه ، ويجد بضرورة حسّه ، أنّ عزّه بعزّ إخوانه وقوّته بقوّة أعوانه ، وأنّ كلّ واحد منهم عون للآخر ، فهل يتقاعس عن تقوية عونه وتعزيز عزّه وصونه!
ثمّ إذا كان التخلّق بهذا الخلق الشريف عسيراً لا ينال ، وشأواً متعالياً لا يدرك ، ولا يستطيع المسلم أن يواسي أخاه المسلم وأن يحبّ لأخيه المسلم ما يحبّ لنفسه ، وأن يجد أنّ صلاحه بصلاح أُمّته ، وعزّه بعزّة قومه فلا أقلّ من التناصف والتعادل والمشاطرة والتوازن ، فلا يجحد المسلم لأخيه حقّاً ، ولا يبخسه كيلا ولا يطفّف له وزناً. والأصل والملاك في كلّ ذلك اقتلاع رذيلة الحرص والجشع والغلبة والاستئثار والحسد والتنافس ، فإنّ هذه الرذائل سلسلة شقاء ، وحلقات بلاء يتصل بعضها ببعض ، ويجرّ بعضها إلى بعض ، حتّى تنتهي إلى هلاك الأُمّة (١).
٧ ـ إذا نظرنا إلى ما جرّه هذا الخلاف والعداء من الويلات والبليات على المسلمين ، وما ضاع على أثره من الممالك الإسلامية الكبرى كالأندلس ، والقوقاز ، وبخارى ، ونحوها ، ولو أنّ المسلمين كانوا في تلك الظروف يداً واحدة كما أمرهم الله لما انتزع من الإسلام شبراً واحداً ، وإذا لم يكفنا عبرة ما
__________________
١ ـ المثل العليا في الإسلام : ١٣٣ ـ ١١٤.