زعمه وتحقّق حلمه استقرّ في البلاد بعلّة حماية الأقلّيات.
ألا وإنّ النصارى إخوانكم في الله وفي الوطن وفي المصير ، فأحبّوا لهم ما تحبّونه لأنفسكم ، وحافظوا على أرواحهم وأموالهم كما تحافظون على أرواحكم وأموالكم ، وبذلك تحبطون المؤامرة ، وتخمدون الفتنة ، وتطبقون تعاليم دينكم وسنة نبيكم (١) ، (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ) (٢).
يحدّثنا السيّد شرف الدين عن رحلته إلى مصر وغرضه من هذه الزيارة والأجواء النفسية التي سبقتها يقول : لقد ضقت ذرعاً بهذا ، وامتلأت بحمله همّاً ، فهبطت مصر أواخر سنة ١٣٢٩ هـ مؤمّلاً في نيله ، نيل الأُمنية التي أنشدها وكنت ألهمت أنّي موفّق لبعض ما أريد ، ومتصل بالذي أُداور معه الرأي ، وأتداول معه النصيحة ، فيسدّد الله بأيدينا من الكنانة سهماً نصيب به الغرض ، ونعالج هذا الداء الملحّ على شمل المسلمين بالتمزيق ، وعلى جماعتهم بالتفريق ، وقد كان والحمد لله الذي أملت ، فإنّ مصر بلد ينبت العلم ، فينمو به على الإخلاص ، والإذعان للحقيقة الثابتة بقوّة الدليل ، وتلك ميزة لمصر فوق مميّزاتها التي استقلّت بها.
وهناك على نعمى الحال ، ورخاء البال ، وابتهاج النفس ، جمعني الحظ
__________________
١ ـ بغية الراغبين ٢ : ٤٤٠.
٢ ـ المائدة (٥) : ٨٢.