السعيد بعلم من إعلامها المبرّزين ، بعقل واسع ، وخلق وادع ، وفؤاد حي ، وعلم عليم ومنزل رفيع ، يتبوأه بزعامته الدينية ، بحق وأهلية ...
شكوت إليه وجدي ، وشكا إليّ مثل ذلك وجداً وضيقاً ، وكانت ساعة موفّقة أوحت إلينا التفكير فيما يجمع الله به الكلمة ، ويلمّ به شعث الأُمّة ، فكان ممّا اتفقنا عليه أنّ الطائفتين ـ الشيعة والسنّة ـ مسلمون يدينون حقاً بدين الإسلام الحنيف ، فهم فيما جاء الرسول به سواء ، ولا اختلاف بينهم في أصل أساسي يفسد التلبّس بالمبدأ الإسلامي الشريف ...
وقد فرضنا على أنفسنا أن نعالج هذه المسألة بالنظر في أدلّة الطائفتين ، فنفهمهما فهماً صحيحاً ، من حيث لا نحسّ إحساسنا المجلوب من المحيط والعادة والتقليد بل نتعرّى من كلّ ما يحوطنا من العواطف والعصبيّات ، ونقصد الحقيقة من طريقها المجمع على صحّته ، فنلمسها لمساً ، فلعلّ ذلك يلفت أذهان المسلمين ، ويبعث الطمأنينة في نفوسهم ، بما يتحرّر ويتقرّر عندنا من الحق فيكون حدّاً ينتهي إليه إن شاء الله تعالى (١).
ومن هذه الحوارات كان كتاب المراجعات الذي أعاد الاعتبار إلى البحث العلمي المجرّد والحوار الموضوعي. وفي وصف الدكتور حامد حفني داود إنّ هذه المناظرة كانت : شيئاً جديداً لا نكاد نألفه إلّا في المنهج الإسلامي في فنّ المناظرة والجدل ، ذلك المنهج هو إصرار كلّ من الباحثين على الوصول إلى الحقيقة أنّى وجدها ، فلم يكن أحدهما يبغي من المناظرة الكيد لصاحبه أو النيل من علمه أو حتّى مجرد الفرق بقدر ما يطمع من
__________________
١ ـ المراجعات : ٥٠ ـ ٥٢.