٢ ـ إنّ تعبّدنا في الأصول بغير المذهب الأشعري ، وفي الفروع بغير المذاهب الأربعة لم يكن لتحزّب أو تعصّب ، ولا للريب في اجتهاد أئمّة تلك المذاهب ، ولا لعدم عدالتهم وأمانتهم ونزاهتهم وجلالتهم علماً وعملاً.
لكن الأدلّة الشرعية أخذت بأعناقنا إلى الأخذ بمذهب الأئمّة من أهل بيت النبوّة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ، ومهبط الوحي والتنزيل ، فانقطعنا إليهم في فروع الدين وعقائده ، وأصول الفقه وقواعده ، ومعارف السنّة والكتاب ، وعلوم الأخلاق والسلوك والآداب ، نزولاً على حكم الأدلّة والبراهين ، وتعبّداً بسنّة سيّد النبيّين والمرسلين صلّى الله عليه وآله وعليهم أجمعين.
ولو سمحت لنا الأدلّة بمخالفة الأئمّة من آل محمّد ، أو تمكنّا من تحصيل نية القربة لله سبحانه وتعالى في مقام العمل على مذهب غيرهم لقصصنا أثر الجمهور ، وقفونا أثرهم ، تأكيداً لعقد الولاء ، وتوثيقاً لعرى الإخاء ، ولكنّها الأدلّة القطعية تقطع على المؤمن وجهته ، وتحول بينه وبين ما يروم (١).
٣ ـ لا تتسق أمور العمران ، ولا تستتب أسباب الارتقاء ، ولا تنبث روح المدنية ، ولا تبزغ شموس الدعة من أبراج السعادة ، ولا نرفع عن أعناقنا نير العبودية بيد الحرية إلّا باتفاق الكلمة واجتماع الأفئدة ، وترادف القلوب ، واتحاد العزائم ، والاجتماع على النهضة بنواميس الأُمّة ، ورفع كيان الملّة ، وبذلك تهتزّ الأرض طرباً ، وتمطر السماء ذهباً ، وتتفجّر ينابيع الرحمة من قلب
__________________
١ ـ المراجعات : ٦٠ ـ ٦١.