العوامل الأساسية للوحدة
لقد عاش البشر منذ بدء ظهوره على هذه الأرض فرداً وحيداً كما هو شأن سائر الأحياء ، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى حصّل للبشرية تقدّم حضاري فتكونّت الأسرة ، ثمّ تكوّنت القبيلة ، ثمّ الدّولة ، وبالرغم من هذا التقدّم المضطرد ما يزال الإنسان يعيش منذ عهد بعيد وإلى اليوم مرحلة سابقة لمرحلة ( الوحدة المبدئية ) ، وما يزال يعيش حالة الطفولة فيما يرتبط بتلك الوحدة.
وبناءً على ذلك فإنّنا بحاجة إلى أن نرفع مستوى الوعي لدى البشرية لتصل إلى مستوى الوحدة على أساس المبدأ ، فالقرآن الكريم إنّما نزل من أجل خلق هذا المستوى ، والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة من بعده سعوا بكلّ ما في وسعهم من أجل توحيد هذه الأُمّة ، والحيلولة دون تمزّقها وتفرّقها.
ومع ذلك فإنّ الإنسان لم يعِ هذه الضرورة ( ضرورة الوحدة ) ، وكان يهيمن عليه التفكير السلبي المتخلّف ممّا أوحى إليه إذا أراد أن يحيا حياةً حرّةً كريمةً فما عليه إلّا أن يدع الآخرين يعيشون مثلما يعيش هو ، فإذا بالمصالح تتقولب حسب الآراء المختلفة؟!
إنّ الاختلاف في الرأي سيبقى ما دام الاختلاف في المستويات لدى الإنسان قائماً ، فكما أنّ أصابع اليد الواحدة لا يمكن أن تتساوى وتتماثل ، فإنّ البشر أيضاً لا يمكن أن يولدوا بمستوى واحد من العلم والفهم والوعي ، لأنّ التنوّع يمثّل طبيعة بشرية.