ولم تكن سنّة التدرج تفارق الفكرة ، إلى أن جاء دور جعل الجامعات الدينية إسلامية عامة ، وهو نصّ في القانون الأساسي للجماعة منذ نشأتها ، فالمادّة الثالثة ( هـ ) تذكر من بين أغراضها : العمل على أن تقوم الجامعات الإسلامية في جميع الأقطار بتدريس فقه المذاهب الإسلامية حتّى تصبح جامعات إسلامية عامة.
فلمّا تهيّأت الأفكار بعد أن قامت الدار بطبع بعض الكتب الفقهية على نفقة وزارة الأوقاف المصرية وتوزيعها ، جاءت الخطوة الحاسمة بعد ذلك : خطوة تقرير دراسة فقه المذاهب الإسلامية الشيعية مع السنيّة في أقدم جامعة إسلامية وهي الأزهر الشريف.
ولم تكن الفكرة ارتجالية ، بل كانت مبدأ نادت به الجماعة منذ نشأتها ، فلمّا قدر لرجل مصلح من رجالها المجاهدين ـ له مركزه الديني الكبير ـ أن يجلس على كرسي مشيخة الأزهر كان من الطبيعي أن ينفذ ما عاهد الله عليه لخير الإسلام وصالح المسلمين.
ولقد زلزل هذا القرار كثيراً من الانتهازيين وقضى على آمال كثير من المتربصين ، ولكن التاريخ لا يخدع ، وقد سجّل هذه الخطوة كحديث هام في تاريخ الإسلام والمسلمين ، لم يكن سجّل مثله منذ بدأ الخلاف بين الطائفتين إلى اليوم.
فنحمد الله على أنّ المسلمين أثبتوا أنّهم جديرون بإصلاح شؤونهم ، قادرون على علاج مشاكلهم. فإنّ نجاح الفكرة كفكرة التقريب رغم المعارضة التي قامت في وجهها والعراقيل التي وضعت في طريقها ، في زمن