وعلى هذا فإنّ كلّ شيء يتغيّر ويختلف عند الإنسان ، وهذا الاختلاف إنّما تمليه عليه غريزة حبّ التنوّع والتي تتغيّر بدورها تبعاً لنموّه ، وحسب الظروف المحيط به ، وطبقاً لمعلوماته وإراداته وأهوائه وعشرات العوامل المؤثّرة فيه.
إنّ المشكلة القائمة اليوم لا تكمن في الاختلاف ذاته ، أو الاختلاف المبدئي والفكري ، وليست كامنة في الاستراتيجية والرؤية ، ولكن في طريقة التعامل مع هذا الاختلاف الأمر الذي أدّى تلقائياً إلى حدوث التفرقة والتفكّك والتناحر.
وعلى سبيل المثال فقد نجد في الأسرة الواحدة اختلافاً ، ولكن طريقة التعامل مع هذا الاختلاف تتباين من أسرة إلى أخرى فمنهم من يفضّه بالطلاق ، ومنهم من يفضّه بالمشاجرات ، ومنهم من يحلّه من خلال التفاوض ... وبصورة عامة فإنّ كلّ أسرة من تلك الأسر تحلّ الاختلاف بطريقتها المفضّلة.
وهكذا كان حال البشرية التي كانت كثيراً ما تتوسّل بالحروب لتحلّ خلافاتها ، وللأسف فإنّ الجاهلية ما زالت متأصّلة بالبشرية حيث تنفق اليوم آلاف الملايين من الدولارات على صناعة الأسلحة ، وحتّى إذا فرضنا أنّ البشرية لا تريد استخدام هذه الأسلحة الفتّاكة إلّا أنّ صناعتها تمتصّ الخيرات والثروات كلّها ، حيث نرى الفقر المدقع منتشراً في جميع أرجاء العالم وخصوصاً في بلدان العالم الثالث؟!
إنّ البشرية كانت وما زالت بحاجة إلى نموّ فكري لكي تتجاوز مرحلة حلّ الخلافات بالسلاح ، ونحن قد نستطيع أن نحمد الله تعالى على اجتياز هذه