مستوى الحركة الإسلامية ، قد أخلى الساحة أمام بعض علماء الدين إلى أن يتخذوا مواقف تنحدر إلى مستوى الجريمة الكبرى والخيانة العظمى في حق الإسلام والأُمّة ، وذلك حين يشرع هؤلاء ـ باسم الإسلام ـ استعمال أساليب العنف ضد مخالفيهم في المذاهب أو في الفهم السياسي ، ويستحلّون صياغة خطاب سياسي وتعبوي مشحون بعناصر الإثارة والاستفزاز ودواعي العداء والخصومة ، وعوامل الفرقة والانقسام.
فهل بعد هذا الشرّ من شرٍّ؟
أو لا يكفي بعض هذا مجمل الحاملين لرسالة الإسلام وشريعته من فقهاء ومرجعيات فقهية أن يخرجوا من أطرهم المذهبية والمحلّية ، متفاعلين مع أشدّ حاجات الأُمّة إلحاحاً وهي المصالحة مع الذات والوفاق والوحدة ، مستجيبين في ذلك لنداء الله تعالى في كتابه المجيد في قوله وعجل الله تعالى فرجه في سورة النور : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (١).
إنّ الأُمّة المسلمة عامة ، وكلّ شعب من شعوبها في أمسِّ الحاجة بل أشدّ الضرورة إلى إعادة ترميم ما تصدّع من وحدتها بما هي أُمّة ، وإلى ترميم وحدة كلّ شعب من شعوبها ودولها في إطار الوحدة العامة ، لأنَّ هذه الوحدة لم تعدّ شأناً من شؤون العقيدة فقط ، وهي كذلك بلا ريب ، بل غدت ضرورة من ضرورات السلامة السياسية والاقتصادية والثقافية ، للتحصّن من آثار
__________________
١ ـ النور (٢٤) : ٦٢.