واحد ، وقبلتهم واحدة ، إلى غير ذلك من أركان العقيدة والعمل. وإنّ هذه الأصول المتفق عليها والمشتركة بين المذاهب الإسلامية هي بالذات ملاك الإخوة الإسلامية ، ومعيار وحدة الأُمّة ، دون غيرها من المسائل المختلف فيها والآراء الخاصة بكلّ مذهب ، التي تدخل في معايير المذاهب نفسها دون غيرها.
الأمر الثالث : أنّ دعوة الناس إلى وحدة الأُمّة لا يعنى بها : رفض المذاهب كلّها أو بعضها ، كما لا يراد بها : إدغام المذاهب والمساومة عليها ، وذلك بأخذ شيء من كلّ مذهب ، ورفض شيء بحيث تكون الحصيلة صفقة مرضية لاتباع المذاهب ، كما لا يعنى بها : تبديل مذهب بمذهب ، أو إحداث مذهب جديد في الإسلام ، كما لا يعنى به : الاكتفاء بالمشتركات ورفض موارد الاختلاف والإعراض عنها تماماً.
وإنّما السبيل الوحيد الذي نتبنّاه ـ اقتداء بالسلف الصالح من علماء المسلمين والنخبة من المصلحين في العالم الإسلامي ـ وهو التأكيد والركون إلى المشتركات في حقل العقيدة والشريعة باعتبارها الأصول الأساسية للإسلام ، وكونها ـ كما قلنا ـ معياراً للإخوة الإسلامية ووحدة الأُمّة. هذا مع الاحتفاظ بالمذاهب والاحترام المتقابل بين أتباعها فيما وراء هذه الأصول من المسائل الجانبية الفرعية التي يسوغ الخلاف فيها في إطار الدليل والبرهان ، والتي تعتبر غير ضرورية ، ويكون باب الحوار والاجتهاد فيها مفتوحاً.
إنّ الاختلاف في مثل هذه المسائل مقبول ولا ضير فيه ، بل لا مناص منه ، فلكلّ ذي رأي رأيه (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ