خَلَقَهُمْ) (١) أي : للرحمة ، أو للاختلاف على الخلاف حسب تعبير العلّامة كاشف الغطاء في أحدى مقالاته.
الأمر الرابع : قد تبيّن مما سبق أنّ المراد بالمذاهب الإسلامية :
هي المذاهب التي تؤمن بتلك الأصول الأساسية العقيدية والعملية التي يلتزم أتباعها بالعمل بها بحيث يمكن أن يدخلوا في إطار الأُمّة الإسلامية ويُعدّوا مسلمين ، والذين ينكرون أصلاً من تلك الأصول فنحن لا ندعوهم إلّا إلى الأخذ بما أخذ به إخوانهم المسلمون ليدخلوا في زمرة الأُمّة الإسلامية.
الأمر الخامس : لابدّ من تعيين المشتركات والأصول الأساسية للإسلام ـ وإن كانت معلومة إجمالاً ـ من قبل نخبة من علماء المذاهب الإسلامية في مؤتمر عام ، وفي لجان تخصّصية مهمّتها تشخيص الأُصول المتفق عليها ؛ لتكون معياراً للحكم على من لا يلتزم بها ، أو بشيء منها بأنّه خارج عن الأُمّة أو أنّه غير مسلم.
الأمر السادس : ما دام لم يوضّح ويحدّد هذا المعيار ( الكفر والإيمان ) فليس لأحدٍ رمي الآخرين بالكفر ، كما أنّه لا يجوز المسارعة في الحكم به على أهل القبلة وعلى كلّ من التزم بالأصول الإسلامية المتفق عليها ، وحتّى لو شكّ في التزامه بها ، بل ويجب الاجتناب بشكل قاطع عن تشكيل محكمة من قبلنا لتقسيم الجنّة والنّار بين المسلمين ، ولكن وجب أن نوكل هذا الأمر إلى الله تعالى ، فإنّه الحكم العدل بين عباده (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٢).
__________________
١ ـ هود (١١) : ١١٨ ـ ١١٩.
٢ ـ النحل (١٦) : ١٢٤.