المصلح ، وليحاول أن يقوم بدوره الّذي كلّفه الله سبحانه به ، كما يؤكّد على ذلك في قوله الكريم : ( وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١).
فيجب ـ إذن ـ أن نقوم بدور الإصلاح سواء خسرنا أم ربحنا ، فليس من الصحيح أن نعطّل دور الإصلاح فنقول : نحن بانتظار نمو القوّة السياسية الفلانية لنكون معها ، لأنّ الحسابات السياسية عادة منا تكون فاشلة ، فروي عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال لبعض أصحابه : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فإنّ موسى بن عمران عليه السلام خرج ليقتبس لأهله ناراً فرجع إليهم وهو رسول نبيّ فأصلح الله تبارك وتعالى أمر عبده ونبيه موسى في ليلة ... (٢).
لنحاول أن لا نكون ممّن يصطادون في الماء العكر ، ويحبّون الصعود مع القوى السياسية الصاعدة فنكون انتهازيين ، ولنسع من أجل أن نكون مصلحين ، ونبحث عن الحقّ أنّي كان.
فأولئك الذين يدخلون في الصّراعات ، ويتحوّلون إلى وقود لها سوف يعذّبون في الدّنيا والآخرة ، حيث يقول الله سبحانه وتعالى عنهم : ( وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (٣).
هناك حقيقة لو وعيناها لوعينا من العلم شيئاً كثيراً ، ألَا وهي أنّ المسافة بيننا وبين ما يدعونا إليه القرآن الكريم ما يزال مسافة شاسعة ، وأنّ علينا أن
__________________
١ ـ آل عمران (٣) ١٠٤.
٢ ـ بحار الأنوار ١٣ : ٤٢ ، وروي في الكافي بمضمونه تارة عن الإمام الصادق عليه السلام وأخرى عن أمير المؤمنين عليه السلام ، الكافي ٥ : ٨٣ الحديث ٢ و ٣ باب ( الرزق من حيث لا يحتسب ).
٣ ـ آل عمران (٣) : ١٠٥.