نسعى سعياً حثيثاً وجذرياً ودؤباً لعلّنا نصل إلى ما يدعونا إليه القرآن.
ترى أين نحن ، وأين ذلك المستوى الأسمى الذي يأمرنا القرآن الكريم أن نرقى إليه؟ إنّ هناك مقياساً لا مناص لنا من أن نعود إليه لكي نعرف أنفسنا ، وهل نحن كما نتمنّى وكما ندّعي ، أم أنّ واقعنا يختلف بشكل جذري عمّا نحلم به؟
إنّه القرآن الكريم ، فلنعرض أنفسنا عليه ، ولنسأل أنفسنا : هل نحن في مستوى ما يدعونا إليه القرآن أم لا؟
إنّ القرآن يدعونا إلى أن يكون وعينا بالسّاعة وعياً حاضراً لا يغيب عنّا لحظة واحدة ، ويدعونا إلى أن تكون عقيدتنا بالله تعالى خالصة من كلّ شائبة ، وأن لا نعتقد بأنّ هناك من يؤثّر في حياتنا سوى الله ، وبالتالي فإنّ كلّ شيء يعود إليه. كما ويدعونا القرآن الكريم إلى أن يكون خوفنا ورجاؤنا وأملنا وثقتنا بالله سبحانه وتعالى ، وأن يكون المقياس الذي نرجع إليه هو الدّين ، وبالتالي أن يكون المعيار واحداً ، وأن لا نتفرّق في الدّين لأنّه واحد ، وجميعنا نتبعه ، فلماذا التفرّق إذاً؟
إنّ هذا التفرّق الموجود فيما بيننا لهو دليل على أنّ بيننا وبين الدّين فواصل ؛ أي أنّنا لسنا مع الدّين كلّه ، بل معه ومع أهوائنا في نفس الوقت ، فقد خلطنا الدّين بالأهواء ، ولذلك يقول تعالى في سورة الشورى مذكّراً إيّانا بهذه الحقيقة : (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا) (١).
__________________
١ ـ الشورى (٤٢) : ١٣.