وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ) (١) ، (وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلاَّ أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُواْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) (٢) ، (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) (٣).
وتوضيحاً لهذه الحقيقة يقول العلامة الطباطبائي في تفسيره للآية الأخيرة : ثمّ الاختلاف ويقابله الاتفاق من الأمور التي لا يرتضيها العقل السليم ، لما فيه من تشتيت القوى وتضعيفها ، وآثار أخرى غير محمودة ، من نزاع ومشاجرة وجدال وقتال وشقاق ، كلّ ذلك يذهب بالأمن والسلام ، غير أنّ نوعاً منه لا مناصّ منه في العالم الإنساني وهو الاختلاف من حيث الطبائع المنتهية إلى اختلاف البنى فإنّ التركيبات البدنية مختلفة في الأفراد وهو يؤدي إلى اختلاف الاستعدادات البدنية والرّوحية ، وبانضمام اختلاف الأجواء والظروف إلى ذلك ، يظهر اختلاف السلائق والسّنن والآداب والمقاصد ، والأعمال النوعية والشخصية في المجتمعات الإنسانية ، وقد أوضحت الأبحاث الاجتماعية أنّه لولا ذلك لم يعش المجتمع الإنساني طرفة عين.
وقد ذكره الله تعالى في كتابه ونسبه إلى نفسه حيث قال : (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا) (٤) ، ولم يذمّه تعالى في شيء من كلامه إلّا إذا صحب هوى
__________________
١ ـ الشورى (٤٢) : ٨.
٢ ـ يونس (١٠) : ١٩.
٣ ـ هود (١١) : ١١٨ ـ ١١٩.
٤ ـ الزخرف (٤٣) : ٣٢.