والمدافعة في أمور الحياة ، ولا اختلاف في المذاهب والآراء (١).
وعادة ما تتجلّى الفطرة أمام الإنسان في الظروف الخطيرة والدقيقة التي تمرّ عليه فتزيل عن قلبه حجب الغفلة والشهوة ويتصّرف بوحي من فطرته ووجدانه ، ويمكننا أن نلمس هذه الحالة الفطرية في مجتمع الأطفال الصغار قبل أن تستحكم الشهوات والمصالح في نفوسهم فقد يضرب بعضهم بعضاً ، لكن ذلك لا يؤدّي بهم إلى القطيعة والحقد ، بل سرعان ما يتناسون نزاعاتهم ويعودون إلى التّعامل واللعب معاً ، وكثيراً ما يحدث أن يشتكي بعض الأطفال لدى عوائلهم ضد الأطفال الآخرين ويحصل النزاع والاختلاف بين أهالي الأطفال ويبقى لفترة طويلة ، بينما يتناسى الأطفال صراعاتهم ويعودون إلى اللعب معاً.
إذاً فالوحدة والتعاون أمر تدعو إليه الفطرة ويؤيده الوجدان الإنساني.
الأُمّة الإسلامية التي نصّ الله سبحانه وتعالى على وحدتها فقال : (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (٢).
كانت هذه الأُمّة تعيش تحت قيادة واحدة وفي وطن واحد يتعايش فيه جميع المسلمين كمواطنين متساوين في حقوقهم السياسية ، ولكن هذه الأُمّة الواحدة والدّولة الواحدة والوطن الواحد تحوّلَت الآن إلى أكثر من (٤٣) دولة ووطناً! ولكلّ دولة عَلَم وشعار وحدود وعملة خاصة وقوانين معينة! وأصبح انتقال المسلم من بلد إسلامي إلى بلد إسلامي آخر تكتنفه العديد من المشاكل والتعقيدات ، فلابدّ من تأشيرة دخول وجواز وجمارك وتفتيش ، إلى
__________________
١ ـ تفسير الميزان ٢ : ١٢٤.
٢ ـ الأنبياء (٢١) : ٩٢.